الخميس، 6 أكتوبر 2016

قصيدة أين حقي - محمد صالح بحر العلوم

قصيدة أين حقي - محمد صالح بحر العلوم


رحت أستفسر من عقلي وهل يدرك عقلي
محنة الكون التي استعصت على العالم قبلي
ألأجل الكون أسعى أنا أم يسعى لأجلى
وإذا كان لكل فيه حق : أين حقي ؟

فأجاب العقل في لهجة شكاك محاذر
أنا في رأسك محفوف بأنواع المخاطر
تطلب العدل وقانون بنى جنسك جائر
إن يكن عدلا فسله عن لساني : أين حقي ؟

أنا ضيعت كما ضيعت جهدا في هباء
باحثا عن فكرة العدل بكد وعناء
وإذا بالناس ترجو العدل من حكم السماء
وسماء الناس كالناس تنادى : أين حقي ؟

أتراني أرتئى ما يرتئيه الناسكونا
وأجاري منطقا يعتبر الشك يقينا
وأقرالوهم فيما يدعيه الوهم دينا
فيعود العلم يدعوني بحق : أين حقي ؟

إن أنا أذعنت للخلق وحاولت التعامي
كان شأني شأن من يطلب غيثا من جهام
فنظام الخلق لا يعرف وزنا لنظامي
ونظامي لم يزل يصرخ مثلى : أين حقي ؟

ما لبعض الناس لا يحسب للتفكير فضلا
ومتى ناقشته الرأي تعداك وولى
زاعما إبقاء ما كان على ما كان أولى
من جديد يعرف الواقع منه : أين حقي 

ليتني أسطيع بعث الوعي في بعض الجماجم
لأريح البشر المخدوع من شر البهائم
وأصون الدين عما ينطوي تحت العمائم
من مآس تقتل الحق وتبكى : أين حقي ؟

يا ذئابا فتكت بالناس آلاف القرون
أتركينى أنا والدين فما أنت وديني
أمن الله قد استحصلت صكاً في شؤوني
وكتاب الله في الجامع يدعو : أين حقي ؟

أنت فسرت كتاب الله تفسير فساد
واتخذت الدين أحبولة لف واصطياد
فتلبست بثوب لم يفصل بسداد
وإذا بالثوب ينشق ويبدو: أين حقي ؟

بان هذا الثوب مشقوقا لأرباب البصائر
فاستعارالقوم ما يستر سوءات السرائر
هو ثوب ا لعنصريات وهذا غير ساتر
وصراخ الأكثريات تعالى : أين حقي ؟

كيف تبقى الأكثريات ترى هذى المهازل
يكدح الشعب بلا أجر لأفراد قلائل
وملايين الضحايا بين فلاح وعامل
لم يزل يصرعها الظلم فتدعو : أين حقي ؟

أمن القومية الحقة يشقى الكادحونا
ويعيش الانتهازيون فيها ناعمينا
والجماهيرتعانى من أذى الجوع شجونا
والأصولية تستنكر شكوى : أين حقي ؟

حرروا الأمة إن كنتم دعاة صادقينا
من قيود الجهل تحريرا يصد الطامعينا
وأقيمواالوزن في تأمين حق العاملينا
ودعوا الكوخ ينادى القصر دوما : أين حقي ؟

يا قصورا لم تقم إلا بسعي الضعفاء
هذه الأكواخ فاضت من دماء البؤساء
وبنوك استحضروا الخمرة من هذى الدماء
فسلى الكأس يجبك الدم فيه : أين حقي ؟

حاسبيني إن يكن ثمة ديوان حساب
كيف أهلوك تهادوا بين لهو وشراب
وتناسوا أن شعبا في شقاء وعذاب
يجذب الحسرة والحسرة تحكى : أين حقي ؟

كم فتى في الكوخ أجدى من أمير في القصور
قوته اليومي لا يزداد عن قرص صغير
ثلثاه من تراب والبقايا من شعير
وبباب الكوخ كلب الشيخ يدعو : أين حقي ؟

وفتاة لم تجد غير غبار الريح سترا
تخدم الحي ولا تملك من دنياه شبرا
وتود الموت كي تملك بعد الموت قبرا
واذا الحفار فوق القبر يدعو : أين حقي ؟

ما لهذى وسواها غير ميدان الدعارة
لتبيع العرض في أرذل أسواق التجارة
وإذا بالدين يرميها ثمانين حجارة
وإذا القاضي هو الجاني ويقضى : أين حقي ؟

أين كان الدين عنها عندما كانت عفيفة
ومتى قدر حقا لضعيف وضعيفة
ولماذاعدها زانية غير شريفة
ألأن العرف لا يسمع منها : أين حقي ؟

كان من واجبه يمنحها عيش كفاف
قبل أن يضطرها تبتاع عيشا بعفاف
ولماذا أغلظ القاضي فيها وهو مناف
للنواميس ولا يسأل منها : أين حقي ؟

كم زنى القاضي وكم لاط بولدان وحور
واحتسى أوفر كؤوس من أباريق الفجور
أين كان الدين عن إجراء قاضيه الخطير
ولماذا لم يصارحه بحزم : أين حقي ؟

ألقاضي الدين تمييز على حال الجماعة
أعليه الحكم لا يسرى وان يأبى أتباعه
أقضاة الدين أدرى بأساليب الشفاعة
واذا الدين ارتضاها لم يطالب : أين حقي ؟

برياء ونفاق يخدعون الله جهرا
أين مكرالله ممن ملأوا العالم مكرا
إن صفا الأمر لهم لن يتركوا لله أمرا
وسيبقى الله مثلى مستغيثا : أين حقي ؟

ليس هذاالدين دين الله بل دين القضاة
لفقوه من أحاديث شياطين الرواة
وادعوا أن من الله نظام الطبقات
إن يكن حقا فقل لي يا إلهي : أين حقي ؟

ليس في وسعى أن أسكت عن هذى المآسي
وأرى الأعراف والأعراف من دون قياس
بين مغلوط صحيح وصحيح في التباس
وكلا العرفين لا يفهم منه : أين حقي ؟

خطأ شاع فكان العرف من هذا الشياع
وصواب حكم العرف عليه بالضياع
وسواد الشعب مأخوذ بخبث وخداع
كقطيع يلحق الذئب وينعى : أين حقي ؟

ليس هذا الذنب ذنب الشعب بل ذنب الولاة
وجهواالأمة توجيه فناء لا حياة
وتواصوا قبل أن تفنى بنهب التركات
واذا الحراس للبيت لصوص : أين حقي ؟

دولة يؤجرفيها كل أفاك عنيد
أجره لاعن جهود بل لتعطيل الجهود
لم يواجه نعمة الأمة إلا بالجحود
واذاالنعمة تغلى في حشاه أين حقي ؟

من فقيرالشعب بالقوة تستوفى الضرائب
وهو لم يظفر بحق ويؤدى ألف واجب
فعليه الغرم والغنم لسراق المناصب
أيسمى مجرما إن صاح فيهم : أين حقي ؟

من حفاة الشعب والعارين تأليف الجنود
ليكونوا في اندلاع الحرب أخشاب وقود
وسراة الشعب لاهون بأقداح وغيد
وجمال الغيد يستوجب منهم : أين حقي ؟

عائشاً عيشة رهط لم يفكر بسواه
همه أن ينهب المال لإشباع هواه
أين من يفتح تحقيقا يريه ما جناه
ويريه بانتقام الشعب جهراً : أين حقي ؟

أيها العمال هبوا وارفعوا هذى البراقع
عن وجوها مابها غير سحاب ومصانع
واصرفوهاعن عيوب عميت عن كل دافع
وتراني صادفا عنها بقولي : أين حقي ؟

أيها العمال أين العدل من هذى الشرائع
أنتم الساعون والنفع لأرباب المصانع
وسعاة الناس أولى الناس في نيل المنافع
فليطالب كل ذي حق بوعي : أين حقي ؟


كيف يقوى المال أن يوجد في غير جهود
أين كان النقد لولا جهد صناع النقود
ومتى يقدرأن يخلق طيرا من حديد
فلهذا الجهد أن يدعو جهرا : أين حقي ؟

أين كان المال قبل الجهد أو قبل الطبيعة
وهما قد سببا في غابر العهد شروعه
واذا بالمال لا يذكر للعهد صنيعة
وإذا بالجهد يستجدى مهانا : أين حقي ؟

لم يؤثربيقيني ما أقاسي من شجون
فشجوني هي من أسباب تثبيت يقيني
ولتكن دنياي ما بين اعتقال وسجون
وليكن آخر أنفاسي منها : أين حقي ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق