انتفاضة اذار ( الشعبانية ) في العراق عام 1991
أدى الانهيار المريع للقوات المسلحة العراقية في الكويت.. وانقطاع الاتصالات وتدمير معظم وسائط النقل والآليات.. وهروب العديد من قادة تلك القوات وترك هذه القوات في العراء.. الى الانسحاب بشكل غير منظم لتلك القوات.. وتحت وابل القصف الجوي لقوات التحالف الدولي.. وقتل وجرح مئات الالاف من الجنود المنسحبين.. ليصل من بقى منهم حياً الى جنوب العراق.. والإحباط والجوع والتعب والرعب مسيطر عليهم.. وقد انعكس حقداً على قيادتهم التي تركتهم في تلك الحالة المأساوية ..
عجت منطقة البصرة حال إعلان وقف إطلاق النار في 28 شباط 1991.. بآلاف العراقيين من مختلف المناطق.. الذين قصدوا هذه المدينة للاستفسار ومعرفة مصير أبنائهم من الجنود والضباط في الجيش العراقي بعد انسحاب القوات العراقية من الكويت.. وكانت الأجواء في البصرة مشحونة ضد النظام والسلطة.. وسط دخان حرائق آبار النفط التي أضرمتها القوات العراقية في أبار النفط الكويتية.. وكان الناس ينتظرون ما يحفزهم على الانتفاض ضد النظام.. ويبدو كأن شرارة الانتفاضة الأولى قد انطلقت من ساحة سعد وسط المدينة فجر الثاني من أذار من عام 1991.. عندما لم يتحمل أحد جنود دبابة كانت تقف مقابل جداريه هائلة لصدام بزيه العسكري.. كانت الجداريه شاخصة بالقرب من مبنى قيادة حزب البعث هناك.. فقد هاله الموقف.. فأخذ يهتف ويصرخ في وجه الصورة.. مطلقاً الشتائم ضد صدام في لهجة حادة متوقدة.. ثم أخذت الجموع تتوافد.. وأصبح الجو مشحوناً بقوة.. فقفز جندي الدبابة عائداً الى داخلها.. ثم أدار فوهة المدفع صوب الجداريه.. وأطلق عليها بضعة قذائف.. وهنا ارتفعت أصوات هتافات الحشد المنفعل تهتف له.. وتنشد (صدام انتهى.. وكل الجيش مات).. وسرعان ما التهبت في انتفاضة شعبية كبيرة حيث خرج سكان المدينة إلى الشوارع.. وهم يهتفون ضد النظام.. وخرج بعض الشباب وهم يعلنون سقوط نظام صدام.. مما زاد من الهيجان الشعبي فتوجهت مجاميع كبيرة نحو مراكز الشرطة والمباني الحكومية ومعسكرات الجيش.. وإخراج من كان فيها من السجناء الأبرياء.. والاستيلاء على مخابئ الأسلحة الصغيرة.. وحدثت اشتباكات بين القوات العراقية والمنتفضين في المدينة كانت الغلبة للمنتفضين.. امتدت الانتفاضة في اليوم التالي إلى المناطق والقرى القريبة من البصرة
وبحلول الصباح كانت الاحتجاجات تعم محافظة البصرة والهارثة والدير وبدأ الثوار باستهداف مراكز الشرطة ومعسكرات الجيش العراقي في المدينة وخلال يومين فقط عمت الانتفاضة أغلبية مناطق العراق الأخرى ومنها ميسان والناصرية والنجف وكربلاء وواسط والمثنى والديوانية وبابل وسرعان ماوصلت إلى مدن شمال العراق دهوك، سليمانية، أربيل وكركوك وفي ظل هذه الأوضاع المتأزمة بدأ النظام باستخدام أساليب القمع كافة لإيقاف ر خدمها بقصف المدن وإيقاف الانتفاضة
بدا الآلاف من العراقيين في أغلب مدن جنوب ووسط العراق بالخروج إلى الشوارع وترديد أهازيج تندد بالنظام وتدعو لإسقاطه وقام البعض بالتوجه نحو مراكز الشرطة والمباني الحكومية وإخراج من كان فيها من السجناء الأبرياء والاستيلاء على مخابئ الأسلحة الصغيرة وسيطر المنتفضين على 14 مدينة من مجموع المدن العراقية الثمانية عشر وهنا بدأ القتال المسلح وبدأ كل من يمتلك السلاح بحمل سلاحه والخروج للقتال وقد وصل القتال إلى ما يقرب كيلو مترات قليلة عن مدينة بغداد العاصمة التي كانت تتركز فيها مباني الوزارات ورئاسة الجمهورية وكان لدى المنتفضين قناعة بان القوات الأمريكية وقوات التحالف التي كانت متركزة في الكويت ستقوم بمساعدتهم للإطاحة بالنظام ولكن لم يحدث شيء من هذا القبيل فقد امتنعت القوات الأمريكية عن تقديم العون للثوار وبدأ هنا النظام بالقصف العشوائي والقبض ثم إعدام من يُعتقد انه قد شارك في الانتفاضة فدمرت الكثير من المدن وقُتل ما يزيد عن (300) الف شخص في الجنوب العراقي وحده خلال ال14 يوما التي هي عمر الانتفاضة إذ عمد النظام إلى استخدام كافة السبل لاسترداد نظام الحكم باستخدام كافة الأسلحة.
عندما سيطر الثوار على جميع مدن الجنوب والفرات الأوسط،.. تخوفً صدام من انفجار الوضع في بغداد.. ففرض حظراً للتجول فيها منذ منتصف الليل حتى الفجر.. وساد بغداد توتر شديد بين جماهيرها بعد أن وصلت أخبار الانتفاضة من محافظات الجنوب والفرات الأوسط.. غير إن الإجراءات الأمنية الشديدة حالت دون تنفيذ ذلك.. لاسيما بعد انتشار قوات الأمن الخاص والجيش الشعبي والاستخبارات في المناطق الشعبية ..
وفي إثناء احتدام الانتفاضة في المحافظات .. أوعز صدام الى شائعة نشر صواريخ موجهة الى أحياء العاصمة الشعبية مثل (الثورة والشعلة).. وأمر جهازه الحزبي وقوات الأمن والاستخبارات الى القيام بأساليب استفزازية وقمعية للحيلولة دون انتشار النشاطات والفعاليات المناوئة له.. وقامت الأجهزة العسكرية والأمنية والحزبية بحملات تفتيش لمدينة الثورة والشعلة من بيت الى بيت.. وصادرت أي سلاح أو عتاد موجود.. كما تم استعراض للقوة العسكرية والأمنية والحزبية في مناطق الثورة والشعلة والحرية.. لكن ذلك لم يمنع المنتفضون من التحرك ..
فقد قامت مجاميع كبيرة من شباب مدينة الثورة بتظاهرة كبيرة باتجاه مركز العاصمة لتعبر عن نقمتها على النظام وسياسته القمعية.. ولتؤكد تواصلها مع أهداف شباب الانتفاضة في الجنوب والفرات الأوسط .. فتصدت فوراً قوات النظام وأجهزته القمعية لتلك الانتفاضة.. وأخذت تطلق النار مباشرة على المشتركين فيها حيث قتل وجرح واعتقل الكثير ..
وحدثت في المدة نفسها تظاهرة مشابهة في مدينة الشعلة في اثر تشييع جنازة.. وبدأ إطلاق النار إثناء مراسيم التشييع.. فتوقع كثير من الناس إن الانتفاضة انطلقت في الشعلة فتعالت الهتافات.. وازداد حجم المتظاهرين.. وبدؤوا المسير.. إلا إن أجهزة النظام تصدت للجموع الغفيرة.. وفرقت التظاهرة بعدما قتل البعض وجرح آخرون واعتقال البقية.. وحدث ذلك الأمر بإشراف مباشر من وطبان الأخ غير الشقيق لصدام.. الذي أمر بترك الجثث في الشارع.. وإلقاء البعض الآخر في براميل القمامة.. كما تم حجز عوائل المشتركين.. واستباحة بيوتهم وممتلكاتهم ..
مارس النظام الحاكم انذاك الذي كان برئاسة صدام حسين عدة انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان خلال تصديه للانتفاضة الشعبانية وقد شملت هذه الانتهاكات كل مواد الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة واتفاقيات جنيف لعام 1949 في حماية الجرحى والمرضى المنكوبين وقرار الجمعية العامة الصادر في 9/ 9/ 1946 الداعي إلى تحريم ابادة الجنس البشري ومن هذه الانتهاكات
دفن الناس أحياء بحفر انفاق وحفر يلقى فيها مئات الضحايا من الرجال والنساء والاطفال وتقوم الليات الحفر باهالة التراب فوقهم وسط صراخ النساء والاطفال واستغاثاتهم
التمثيل بجثث القتلى بعد اعدامهم
قتل الناس وهم جرحى بحجة عدم اتساع المستشفيات لذلك
قتل الناس أمام أهلهم وترك جثثهم معلقة أمام بيوتهم
رمي المعارضين للنظام من علو شاهق بواسطة الطائرات المروحية ليصل إلى الأرض ويموت
قتل المعارضين بربط أيديهم وأرجلهم ووضع ثقل ورميهم في النهر
قتل الأطفال والنساء في البيوت التي يشتبه انها اشتركت في الانتفاضة
بناء عدة سجون تحت الأرض، عزل فيها السجناء عن العالم وحجب عنهم الضوء لعدة سنين
منع النظام التظاهر أو الاعتصام واعتباره جريمة تستحق القتل مما يخالف اتفاقية جنيف 1948
قتل الناس على الظن والشبهة (فبتواجد معارض واحد للسلطة في مكان ما يقدم النظام على قتل كل اهل المنطقة).
احداث مقابر جماعية في عدة مناطق من العراق، وبلغ تعداد المقابر الجماعية في كل العراق وفقاً لوزارة حقوق الإنسان العراقية ولغاية 2013م إلى 126 مقبرة
أغلب المقابر الجماعية وجدت في جنوب العراق، ومن ضمنها واحدة في المحاويل يعتقد بأنها تحوي على رفاة من 10,000 إلى 15,000 ضحية
قتل آلاف الناس بإطلاق النار من دون تمييز في المناطق السكنية.
إستخدام الحوامات (الهليكوبترات) لقتل الناس العزل الهاربين من المدن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق