المطرب العراقي ناظم الغزالي
ولد في منطقة الحيدر خانة في بغداد عام 1921 يتيما , أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة، في المدرسة المأمونية، ألتحق بمعهد الفنون الجميلة قسم المسرح، ليحتضنه فيه الفنان الكبير حقي الشبلي ، حين رأى فيه ممثلاً واعداً ، لكن الظروف المادية القاسية إبعدته عن الدراسة ، ليعمل مراقباً في مشروع الطحين بأمانة العاصمة. لكن لم تمنعه الظروف من الاستماع إلى المقام العراقي المعروف بسلمه الموسيقي العربي الأصيل، كما كان يستمع أيضاً إلى أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وأسمهان وليلى مراد ونجاة علي ، مما جعل ناظم يتعلق أكثر بالغناء ، ليكتشف المحيطون به أنَّ هناك موهبة غنائية لن تكرر في حنجرة مراقب مشروع الطحين هذه الفترة، أكسبته طموحاً غير محدود وعناداً وإصراراً على إكمال الطريق ، وجعلته يعود للمعهد ليحصل على أعلى الدرجات. أمّا قراءاته فجعلته يمتاز عن زملائه بثقافته، التي ظهرت عام 1952 حين بدأ ينشر سلسلة من المقالات في مجلة "النديم" تحت عنوان "أشهر المغنين العرب"، وظهرت في كتابه "طبقات العازفين والموسيقيين من سنة 1900 ـ 1962"، كما ميزه حفظه السريع وتقليده كل الأصوات ، أخذ حقي الشبلي بيده ثانية وضمه إلى فرقة "الزبانية" واشركه في مسرحية "مجنون ليلى" لأمير الشعراء أحمد شوقي في عام 1942، وغنى فيها أول أغنية سمعها جمهور عريض، أغنية "هلا هلا" التي دخل بها إلى الإذاعة، حول على إثرها ناظم اتجاهه، تاركاً التمثيل ليتفرغ تماماً للغناء ، وبين عامي 1947 و1948 انضم إلى فرقة الموشحات التي كان يديرها الموسيقار الشيخ علي الدرويش والتي كان بها عدد كبير من المطربات والمطربين . لقد أجاد الغزالي الموال باعتراف النقاد وكبار الموسيقيين الذين عاصروه، وماكان يميزه في ذلك معرفته وتعمقه في المقامات العراقية وأصولها , عام 1948 سافر ناظم الى فلسطين ، إذ ذهب مع الوفد الفني للدعم المعنوي وشحذ همة الجيش العراقي والجيوش العربية . ومنذ بداية الخمسينيات بدأت أغنيات الغزالي تعبر الحدود، فسافر إلى عدة دول، وأقام عدة حفلات في كثير من الدول العربية، وأصبح سفيراً للأغنية العراقية ، وكذلك غنى لأشهر الشعراء العرب مثل إيليا أبو ماضي، أحمد شوقي . غنى لأبي فراس الحمداني: "أقول وقد ناحت بقربي حمامة"، ولأحمد شوقي: "شيّعت أحلامي بقلب باك" وللبهاء زهير "يامن لعبت به شمول"، ولإيليا أبي ماضي: "أي شيء في العيد أهدي إليك يا ملاكي"، وللمتنبي: "يا أعدل الناس"، وللعباس بن الأحنف "يا أيها الرجل المعذب نفسه"، ولغيرهم من كبار شعراء العربية ,
تزوج الغزالي من سليمة مراد عام 1953م والتي تعلم الغزالي على يدها الكثير من المقامات، وكانا في كثير من الأحيان يقومان بإحياء حفلات مشتركة، يؤديان فيها بعض الوصلات فردية وأخرى ثنائية ، وفي عام 1958 قاما بإحياء حفل غنائي جماهيري كبير، فتح آفاقاً لهما إلى خارج حدود العراق فكانت بعدها لهما حفلات في لندن وباريس وبيروت
قبل وفاته سافر إلى بيروت، وأقام فيها 35 حفلاً، وسجل العديد من الأغاني للتلفزيون اللبناني، ثم إلى الكويت، وسجل قرابة عشرين حفلة بين التلفزيون والحفلات الرسمية. وفي العام نفسه أنتهي من تصوير دوره في فيلم "مرحبا أيها الحب" مع المطربة نجاح سلام، وغنّى فيه أغنية "يا أم العيون السود" ... أفاق في صباح 23 أكتوبر 1963 وطلب قدحاً من الماء الساخن لحلاقة ذقنه، لكنَّه سقط مغشياً، وبعدها فارق الحياة، في الساعة الثالثة ظهراً. كسرت إذاعة بغداد القاعدة، وقطعت إرسالها لتعلن الخبر الذي امتدَّ تأثيرهُ ليصيب العالم العربي كلّه بحزن بالغ،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق