الأربعاء، 14 ديسمبر 2016

ثنائية الخطاب المعرفي الاصلاحي

ثنائية الخطاب المعرفي الاصلاحي

عبد الكريم سروش
عبد الكريم سروش


ثنائية الخطاب المعرفي الاصلاحي

سروش - القبانچي ...

ليس امام المسلمين كمكون بشري خيارات متعددة في المرحلة الراهنة ، فبعد ان اسقطتهم رغباتهم الثورية من دائرة التفاعل الحضاري الى نفق العقد التاريخية المستعصية ،
اليمين الاسلامي السياسي المنطلق من قواعد شعبية ساندة سيصطدم باليمين الغربي الذي بدأ يكتسح المنصات الانتخابية ولا مجال للبحث عن منتصر نوعي في حرب اليمينين.
- المجتمعات الاسلامية تعيش فترة اقرب للفترة التي أنتج بها ابن خلدون مقدمته ، العصبة الاسلامية تعيد انتاج خياراتها في واقعنا المتهاوي ، يجب ان نعيد لأنفسنا القدرة على انتاج خطاب اسلامي خارج دائرة المألوف التاريخي ومتداخل مع الواقع بمختلف تحدياته .
- عبد الكريم سروش صاحب نظرية القبض والبسط في الشريعة ، واحمد القبانچي صاحب أطروحة الاسلام المدني والدين الوجداني ، هما مفكران مؤثران جداً أنتجتهم التجربة ولم تنتجهم التأملات ، تجربة احكام الفقهاء قبضتهم على الدولة والمجتمع في ايران ..
أحمد القبانجي
أحمد القبانجي

- سروش والقبانچي تأثرا بمطهري وشريعتي الفيلسوفان اللذان غرسا البذرة الاولى لتيار الاصلاح في ايران ،
التجربة الإصلاحية في ايران نزلت من الجامعات الى الشارع
لطرح ارادتها بالتغيير ، الطلاب كانوا يستمعون لمحاضرات المفكرين قبل ان يواجهوا رصاص البسيج بصدورهم العارية ،
القبض والبسط في الشريعة

التجربة الإصلاحية الإيرانية لم يكن هدفها إسقاط الخطاب الديني بل محاولة إسقاط سطوته على المعرفة وتحول الحركة الفكرية المجتمعية لحركة ايدلوجية راكدة .
- ايران تحصد نتاج هذا الحراك الفكري النشيط , سمح العالم لأيران ان تعود الى الحياة حين شاهد هذا التفاعل الملفت للنظر والرغبة بتجديد الموروث وإعادة صياغته معرفياً هذا الفعل الجماهيري هو احد مصاديق نظرية القبض والبسط السروشية( المعرفة الدينية تنقبض وتنبسط بحسب مجموع المعارف البشرية واذا حصل تغيير بجزءٍ سيتحول التغيير للكل) فسر الكلاميون الجزء الظاهر من هذا المنطق واعتبروه رجعة فكرية لأرث العرفاء والمعتزلة وعده البعض نزعة بارتية او هيدگرية بلسان شيعي فصيح ، واعتبر العرب التجربة كالعادة محاولة انقلاب على السائد الثقافي ولم ينتبه احد ان الخطاب الديني الايراني مر ويمر بمحاولة مخاض وتفاعل مع السلطة والشارع ، ولعل سروش واصحابه كسبوا جميع الرهانات الداخلية والخارجية
والرابح الأكبر هو الاسلام الشيعي خارجياً والإسلام الفلسفي ايرانياً ، بينما تحول نصر حامد ابو زيد واركون الى صور معلقة في ارشيف المجتمعات السنية ،
-الأفكار كائنات أيضاً يجب ان تنزل للشوارع وتعبر عن نفسها ، احمد القبانچي هو النسخة العراقية لتجربة سروش الإيرانية الإصلاحية ، لم يختلف شيعة العراق عن سنة مصر مع ابي زيد بتسخيف تجربته ولم يعرفوا ارتباطات هذه التجربة بالواقع الاصلاحي الايراني الذي نشأت في كنفه وتزودت بافكار رواده ، النخب العراقية ارادت ان تبرهن إلحادها ورفضها للدين بإسقاطات القبانچي ، والوجدانيون الذين رفعوا لواء نهضته تبخروا مع اول بيان اصدرته محكمة قم بالقبض عليه ، والإعلاميون اثبتت التجربة ان القبانچي كان مشروع اثارة في برامجهم لزيادة نسبة المشاهدة ،
الاسلام المدني


واساتذة الجامعات كانوا يقضون المتبقي من أوقاتهم الفكرية نحت منبر شيخ زمان ومحمد الصافي ، في الوقت الذي يحصد الايراني سروش الميداليات العالمية ينام العراقي القبانچي خلف جبل سرچنار في السليمانية يعمل مترجماً من اجل ان يدبر لقمة عيشه ، بينما لا يعرف ياسر الحبيب كيف يصرف الملايين التي تنهمر عليه في حفلات سب عائشة والتمثيل بتاريخ عمر بضواحي لندن .
- القبانچي وسروش ابناء مدرسة فلسفية واحدة هي مدرسة العرفاء التي انطلقوا منها في عوالم تجريب فلاسفة اللاهوت والعقلانية .. ليس لدينا خيارات كثيرة اما ان نكفرهما ونعتبرهما ملحدين ! وأما ان نضع خطابهما على مائدة التحليل واعتباره متغير فكري متاح ، في محاولة متأخرة لأحياء خطاب اسلامي حداثوي يقبله العالم الذي نعيش به قبل ان يبدأ الفصل الاخير من فصول إبادتنا الفكرية واخراجنا بقوة اليمين الصاعد خارج دائرة الحداثة والزمن 

احمد الياسري
سيدني                                                
29/11/2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق