الفنانة الدكتورة صبا غالب العريبي
جريدة الحقيقة / حوار - نادية جهاد
* الطب والفن ايهما اقرب لنفسك وروحك؟
- الفن والالوان هو ذاك العالم السحري الذي ينقلني من واقع مؤلم فأتحرر من الخوف والدمار والحروب التي تملأ الارض لارتقي الى السلامة النفسية، فألون احلامي وهواجسي لاعيد تشكيل العالم، فأرسم بلدي مزهوا بالامان فتكون اللوحة سبباً لتدفق الطاقة الايجابية والسلام الداخلي لروحي، انقله لمن حولي بعيداً عن العنف والارهاب والطائفية فاسلط الضوء على المحبة والحنين وتراث وحضارة بلادي، اما الطب فهو يد الرحمة التي تقربني من الانسان والواقع المر لاساعده بتجاوز مرضه والمه وقد ولدت رغبتي بدخول كلية الطب منذ طفولتي حيث كان والدي يعاني من مرض القلب، وكنت ارافقه في المستشفيات وارى الاطباء حوله يحاولون اسعافه فكان هاجسي ان اكون طبيبة اساعد بشفائه وتخفيف معاناة كل مريض .
* كيف كانت البداية ؟
- بدأت بإقامة معارضي في كافتريا كليتي وانا طالبة فأقمت اربعة معارض في كلية الطب والجامعة المستنصرية 1987 و1989 و1988 و1990 وشاركت بمعرض في نقابة الاطباء 1990 والمعرض المقام بيوم الجامعة المستنصرية ثم انشغلت فترة بالعائلة والعمل الخاص في بيتي، انا ارسم على الزجاج، حيث جاءت هذه الفكرة جراء انفجار سيارة مفخخة كسرت زجاجة النوافذ والابواب فأخذت القطع الكبيرة واخذت ارسم عليها واحولها الى لوحات جميلة وآيات قرآنية ازخرفها وانقشها بالوان زجاجية خاصة، كنت اتحدى الوجع والالم واحوله الى الوان تعيد لي الامل في الحياة .
* المرأة والتراث والطفولة عوامل مشتركة في لوحاتك فأيها اقرب اليك؟
- المرأة موجودة بكل لوحاتي وهي ترتبط بالتراث واعتقد ان المرأة تكمل كل الرموز فهي بلوحاتي تلك الارض الطيبة التي تحتضن جذور الاغصان، فتنبت بأمان وتزهر ورداً وشجراً مثمراً وهي تلك الحسناء التي تتدلى جدائلها وتنساب لتمتزج بأمواج دجلة وهي الام الحنون التي تحتضن بذراعيها كل العراق من شماليه الى جنوبيه المرأة بلوحاتي ترين بعينيها اصراراً وتحدياً وقوة وصبراً فهي العراقية الصامدة التي ولدت وعاشت مع اوجاع وطني نحتت على رأسها خزف الصبر ولكنها قاومته فكانت تحمل الشمعة لتنير درب ابنائها وزوجها وربما وجود المرأة بلوحاتي له علاقة بعملي فأنا دائماً مع النساء بعيادتي وازورهن ايضاً في المدارس والجامعات لالقي محاضرات بشأن سرطان الثدي وكيفية اكتشافه وطرق الفحص الذاتي كجزء من مهمتي عن رعاية الحوامل وبرنامج الكشف المبكر عن السرطان في القطاع الايسر من الموصل.
* ما مدى علاقة الفن بالطب ؟
ـــ الفن كان معي هواية امارسها، في كل مكان ارسم في دفاتري المدرسية واوراقي، يعيش في وجداني وعقلي الباطن بشكل فطري، اما الطب فعالم آخر انا اخترته ودرسته ليكون عملا لي في حياتي وواقعي لكن حين يكون الطبيب فناناً فمن المؤكد أن حسه سيكون مرهفاً ورقيقا حتى في أصعب الحالات الطبية .
*ما تأثير العنف والحرب في نينوى على الفنون؟
- لاشك ان للحروب تأثيراً سلبيا على شكل الفن وواقعه بكل المجالات فالعنف والحرب يشكل حالة التدني في كل الفعاليات والأنشطة الإبداعية الإنسانية خصوصا في ظرف احتلال همجي ارهابي مثل احتلال داعش فقد دمروا الآثار والتراث واساؤوا للحضارة والعلم والمعرفة وعادوا بنا الى عصر الحريم .
* هل ترين ان للفن اثراً مهماً في المعركة مع اعداء الحياة؟
- اعتقد ان للفن تأثيراً كبيرا في دعم المعركة فهو توثيق لكل الاحداث ويساعد في رسم امل جديد ان سلطنا الضوء على النواحي الايجابية، وهذا ما كنت اجسده بالواني، فالحرب تدمر كل جوانب الحياة وتجعل الانسان في حالة عدم توازن والفن هو مرآة للمجتمع فالفنان يستطيع بالوانه ان يلخص معاناتهم واحلامهم بمستقبل افضل وهذا كان السبب لقيامي بهذه الخطوة الجريئة وعمل معرضي بوقت قياسي فأنا نازحة من مدينة تشهد حربا دامية وضحايا وآلاما فكنت احاول اعادة رسم بلدي بعيداً عن الاسى والعنف فأستعملت خامة اللوحة لتجسيد محبتي لعراق واحد ينعم بالامان فرسمت الحدباء وجامع النبي يونس ،وقد بنى اللقلق عشه على منارته ورسمت السجاد فوق بيوت الموصل القديمة ورسمت كل محافظات العراق جمعتها بلوحة واحدة (الملوية ونصب الحرية واسد بابل ونصب الشهيد والنواعير ونخل الجنوب والقيثارة) لاجسد توحد العراق واللحمة العراقية فأعيد صياغة عراق المحبة .
*ما الذي يمكن ان يفعله المثقفون تجاه الهجمة التدميرية ضد الحضارة؟
- الموصل تلك المدينة العريقة ذات تاريخ وحضارة تمتد لآلاف السنين تم العبث بها وتدميرها، ولاجل ان نحافظ على آثارنا من الخراب فعلينا ان نجمع كل المثقفين من ادباء وفنانين ومهتمين بالتاريخ ليؤسسوا تجمعاً ثقافياً لحماية الحضارة فيقفوا وقفة واحدة بالكلمة واللوحة واللون ليدافعوا ويرفضوا أي مساس للتراث وتكون لهم فروع بكل انحاء العالم لنقل صوتهم لابعد مدى ونقل صورة واضحة عن أي تهديد او خراب يحل بتراثنا.
* ظروف نينوى وتأثيرها عليك ؟
- في اثناء الغزو الداعشي على نينوى الحبيبة اضطررت للنزوح الى اربيل لابدأ رحلة جديدة وتم ترشيحي لاكون مديرة القطاع الايسر لكني فضلت العمل مع زميلاتي الطبيبات لمعالجة النازحين بالمخيمات بشكل تطوعي، فكنت اذهب الى المخيمات لاستمع لاوجاعهن ومعاناتهن، كما شاركت بالتعاون مع الجمعية الاسكتلندية وشباب الجامعة بتوزيع المساعدات العينية والطبية وكدت انسى هواياتي الفنية والواني لكني عدت فشاركت بمعرض يوم المرأة العالمي في بغداد 2016 وبزار الابداع في اربيل ومعرض الفن في اسكتلندا وهذا العام في نقابة الاطباء وحصلت على الشهادات التقديرية والتكريم.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق