خصخصة نفط دعبول
شلش العراقي
اندهشت ام دعبول عندما اكتشفت صغيرها ابن العاشرة يتبوّل نفطا ، وازداد اندهاشها عندما اكتشفت انه يستطيع ان يتبوّل كميات كبيرة تسد حاجتها اليومية ومايزيد على ذلك كثيرا ، كتمت الامر في البداية ،خاصة واننا في فصل الشتاء ونعاني ازمة نفط ، لم يسبق لها مثيل ,فكانت كلما احتاجت الى سجر تنورها او تعبئة صوبتها صاحت:* يمة دعبول الحكنا ..
يقف دعبول امام التنور او الصوبة، ويبدا عملية التقطير المنظم حتى تنطلق النار عالية ..
اكتشفت نويرة مرة غراب الامر ، عندما شاهدت الصبي يتبوّل على محرقة صغيرة للنفايات ، في راس الشارع ،كان دعبول يلهو ويمرح وهو يزيد نارها اشتعالا ، بدأت نويرة رحلتها في مراقبة هذه الظاهرة الغريبة ، خاصة وهي من الشخصيات المهتمة بتسجيل الظواهر الغريبة ومراقبتها.حصلت نويرة اخيرا على عينة من بول دعبول ، وادخلتها مختبراتها المتطورة وجاءت النتيجة :
* نفط
انتشر الخبر بسرعة، واحتشدت النسوة امام بيت ام دعبول ، يحملن صفائح من مختلف الاحجام ، للحصول على النفط ،دعبول وجدها لعبة مسليّة اعادت له توازنه النفسي المفقود من جراء اهماله من قبل امه وذويه ، وراح يعمل بحيوية ومرح على تلبية احتياجات ابناء القطاع ،الذين سعدوا بهذا الطفل المعجزة ، وهو يحل واحدة من اعقد ازماتهم ، التي لم يستطع السيد بحر العلوم بكل شهاداته التي جلبها من لندن حلها .
جاء خنجر بقبعة سوداء وبعقليته التجارية الاستغلالية، وعرض على ام دعبول مبلغ خيالي ، مقابل ان يستثمر في حقول مثانة ابنها لمدة عشرين عاما، موضحا لها اهمية الصفقة التي تدخل في نطاق خصخصة المرافق الحيوية جدا ، ومن جراء هذه الصفقة المريبة انقسم اخوال دعبول واعمامه على احقية الحصول على الجزء الاكبر من الصفقة .
الاعمام قالوا بما انه (ولد ) فهو بالضرورة من سلالتنا المباركة لذلك فان مثانته هي ارث مشروع لنا وقد سبق لجدنا شدهان ان تبول نفطا اسود في العشرينيات من القرن الماضي .
((ثلثين الولد من خاله )) ،كانت هذه هي حجة الاخوال في الاستحواذ على ثلثي العائدات ، الامور لم تقف عند هذا الحد ، حيث ان الاخوال من المجلس الاعلى ، فيما الاعمام من التيار الصدري استعان الطرف الاول بالمرجعية التي اعلنت عدم تدخلها في الشان السياسي ، شريطة ان تكون حصتها (الخمس) من الواردات مضونة ، اما الاعمام فرفضوا اي نظام فيدرالي لمثانة الصبي وقالوا ان العائدات هي من حصتهم , وان دعبول ومثانته يقعان ضمن مناطق نفوذهم ، اجتمعت الاطراف الاساسية ، واعني بها رؤساء الكتل والائتلافات الرئيسية في الجمعية الوطنية، وقرروا ان عائدات دعبول ملك لكل ابناء الشعب العراقي ، توزع بينهم بالتساوي ، واقترحت اللجنة الفنية المشكلة لاعداد مسودة قانون دعبول ، على تركيب عدادات دقيقة على (بلبوله ) الذي يخضع لحراسة مشددة من القوات الامريكية.
اشتبكت الامور وتصاعدت حدة التنافس ، تدخلت شركات عالمية لدراسة الاحتياطي المخزون في مثانة دعبول وجاء في تقرير هاليبورتون :
((ان الكميات المكتشفة تقدر ب112 مليار برميل ، اما الاحتياطات المتوقعة فقد ترفع دعبول الى صاحب الاحتياط الاول في العالم ،))
دعبول المحتجز في المنطقة الخضراء برفقة امه ومربية امريكية ومجموعة خبراء ، هدد بايقاف الانتاج اذا لم يترك حرا طليقا مع اصدقائه ، يسرح ويمرح في شوارع قطاع 41 ، ولما رفضت جميع الاطراف تلبية مطالبه السخيفة وغير المسئولة ، كونه غير قادر على ادارة مثانته بنفسه ،عمد الصبي الى اتخاذ قرار خطير ، وقام بتنفيذ قراره بعد ساعات ،حيث اطلق العنان ل (صنبوره ) ليتدفق منه نفط مكرر يعتقد انه من نوع البنزين الذي يستخدم كوقود للطائرات ، احترقت المنطقة الخضراء واحترقت المناطق المجاورة لها ،واستمر الحريق يتصاعد ولم تنفع معه كل محاولات الدول العظمى لاخماده بالطائرات المروحية التي ملئت سماء العراق ,,
صرخت امه باعلى صوتها :
* دعبول ..يمة كافي ..عساهن نفطات السود ،
اطلق دعبول المحاط بالنيران ضحكة طفولية بريئة ، وراح يغني :
* بول بيها وتحترك خليها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق