رواية -عذراء سنجار- للروائي العراقي وارد بدر السالم، تتحدث عن المأساة التي تعرض لها الإيزيديون في منطقة سنجار، على ايدي خفافيش الظلام (داعش) حيث تعرضت مدنهم وقراهم للإبادة والغزو والسبي والخطف وامتهان كرامة الإنسان ومعتقده ودينه ، بعد أن اقتُحمت مدينة الموصل. تنطلق الرواية، الصادرة مؤخرا في بيروت عن دار ضفاف، من زاوية رصد حرجة ومن داخل مدينة سنجار المحتلة ومع قلة من مواطنيها الذين وقعوا أسرى تحت وصاية عناصر داعش، ومن هذه الزاوية يسرد الكاتب حكاية أسطورية مزج فيها الخيال بالواقع المأساوي، الذي رصده عبر شخصيات إيزيدية قليلة كانت تعاني مرارات الاحتلال وقسوته وجبروته وفي ظروف صعبة للغاية ليس أقلها التوبة والدخول إلى الدين الداعشي الجديد القائم على القتل وسفك الدماء.
ومن هذا الصراع النفسي سنجد شخصيات مؤثرة في الرواية اكتسبت الخبرة المطلوبة عبر أشهر طويلة من البقاء الاضطراري في المدينة، لذلك رسم المؤلف رواية شخصيات محلية مُحكمة، وكل شخصية أدّت دورها ببراعة من دون تهويل أو قفز على واقع الأمر في ظرف الاحتلال الداعشي المرعب؛ فكان المجنون عيدو شخصية غامضة بتاريخه العريق، وامرأة الحمل المستحيلة التي لا تلد بالرغم من مرور 13 شهرا على حملها، والشرطي دلشاد الذي يرى كل شيء أمامه بحكم عمله في ديوان الحسبة وهو ابن التاريخ وجامعته، والكاهنة نالين التي بقيت محافظة على أصالتها الدينية حتى آخر لحظة قبل أن تنتحر أو تتوارى أو تجن بعدما استعادت ظروف قهرها وختانها الدموي، والفتى الذي ذبحوا أهله وكان شاهدا على كل شيء في سنجار والموصل.
لكن تبقى شخصية سربست آزاد هي الشخصية المفصلية في الرواية والذي أعاد النظر في المنظومة الدينية، ومن ثم الاجتماعية وأخذ يحاكمها بطريقة عقلية ليصل إلى نتائج كبيرة في مفهومه الشخصي من أن الدين شخصي قبل أن يكون جماعيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق