الشاعر أحمد الصافي النجفي
أحمد الصافي النجفي (1897 - 1977).
هو أحمد بن علي الصافي الحسيني العلوي يعود نسبه إلى الامام موسى بن جعفر الكاظم
حياته
ولد شاعر العراق الكبير " احمد الصافي النجفي " في مدينة النجف الأشرف 1897 وتوفي في بغداد، وعاش بين العراق وإيران وسوريا ولبنان وتنحدر أصوله من اسرة علمية دينية مرموقة تعرف بآل السيد عبد العزيز، توفي والده بوباء الكوليرا, الذي انتشر في العالم في تلك الفترة عندما بلغ عمره 11 عاما, فكفله أخوه الأكبر محمد رضا, ثم توفيت والدته سنة 1912 وتلقى علومه الأدبية والدينية وبقية العلوم الطبيعية ومحاضرات عن الفلك والكواكب والطب الإسلامي في مجالس الدرس من خلال جهود علماء الدين ثم أخذ يدرس قواعد اللغة والمنطق وعلم الكلام والمعاني والبيان والأصول وشيئا من الفقه على يد الاساتذة المرموقين في النجف وبدأ يقول الشعر في سن مبكرة، عند بلوغه سن العشرين وابان الحرب العالمية الأولى انتقل من النجف إلى البصرة بحثا عن العمل, ولكنه لم يحظى بتلك الفرصة لضعف بنيته واعتلال صحته, فتركها إلى عبادان ومنها إلى الكويت. عاد لـالنجف بعد أشهر قليله خالي الوفاض , فانكب على دراسة اللغة العربية وفنونها, في العام 1918 شارك مع اخيه الأكبر في ثورة النجف ضد الاحتلال البريطاني, في العام 1920 اسهم واخيه كذلك اسهاما فعالا في ثورة العشرين, فحكم على اخيه بالاعدام الذي خفف للسجن و في ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941 زّج الإنكليز به في السجن بعد فشل الثورة, راح ينظم الشعر الوطني- يهاجم فيه الاستعمار والمستعمرين- حتى ألهب الحماس في قلوب العراقيين :
لئن أُسْجَنْ فما الأقفاصُ إلا *** لليثِ الغابِ أو للعندليبِ...
ألا يا بلبلاً سجنوك ظلماً *** فنُحْتَ لفُرقةِ الغصنِ الرطيب
في حين استطاع هو التخفي والتنقل من بلدة لأخرى. انتهى به الامر بالهرب إلى إيران وعكف هناك على دراسة اللغة الفارسية وعمل مدرسا للادب العربي في المدارس الثانوية في طهران، بعد عامين ترك التدريس واشتغل بالترجمة والتحرير في الصحف الإيرانية، عاد لـ العراق بعد 8 سنوات قضاها في إيران, لكن صحته تتدهورت بشكل سريع وتكالبت عليه الامراض المختلفة فنصحه الاطباء بالسفر لسوريا أو لبنان لاعتدال جوهما مما يعينه على الراحة والاستشفاء، وصل لسوريا في صيف 1930, فطاب له المقام فيها لسنوات طويلة. أمضى خلالها 46 عاما متنقلا بين سوريا ولبنان. لقد عاش حياة عجافاً، حياة ممزقة بين السقم واليتم والألم والحرمان حتى انشد قائلاً :
أسیرُ بِجسمٍ مُشْبِهٍ جسمَ مَیِّتٍ *** كأنّي إذا أمشي بهِ حامِلاً نَعْشِي
لقد عاش معاناة الغربة في السجن ووصفها بالغربة داخل الغربة لأنه سجن خارج وطنه فانشد قائلاً :
أری في غربةِ الإنسانِ سجناً *** فكیف بسجنِ إنسانٍ غریبِ؟
يُعَدّ الشاعر أحمد الصافي النجفي بسيرته الشعرية والنضالية قيمة تراثية تستحق التأمل والانبهار في كل حين، وصفه كبير النقاد وعلم المبدعين عباس محمود العقاد بقوله: "الصافي أكبر شعراء العربية"
صدرت بعد رحيله مجموعته الشعرية " قصائدي الأخيرة " التي تضم آخر ما كتب من قصائد.
تمكن من إيصال رسالة الثورة ثورة عام 1920 في مناهضة قوى الاحتلال ومطالبته بالاستقلال من خلال الكثير من القصائد الوطنية التي كتبها ودون فيها تفاصيل الثورة ومواقف الثوار والحوادث التي حصلت من المقاومة الباسلة والقتال الذي تكبدت فيه بريطانيا وقواتها افدح الخسائر
من مؤلفاته الشعرية
ديوان حصاد السجن
الامواج 1932
اشعة ملونة 1938
الاغوار 1944
الحان اللهيب 1944
شرار 1952
اللفحات 1955
التيار 1946
حصاد السجن 1951
هواجس 1958
الشلال 1964
إيمان الصافي 1955
له ترجمات ومقالات منها
رباعيات عمر الخيام 1934
كلفته وزارة المعارف في إيران ترجمة كتاب في (علم النفس) لمؤلفيه علي الجارم وأحمد أمين من العربية إلى الفارسية لتدرّس في دار المعلمين بطهران فترجمه بدقة إلى الفارسية
ابيات مختارة
من أعجب العجب إنه لم يقم للصافي النجفي مهرجان تكريمي في حياته، رغم كثرة المعجبين وعظم مراتبهم، أو أمسية تكريمية في حياته، وقد تحايل عليه الكثيرون، لكن بلا طائل، لأنه لم يألف المجاملة. وحصل أن همس بأذنه أحد المعجبين، من الذين لا يعرفهم، قائلاً أنت «الطائرُ المحكيُّ والآخرُ الصدى» فاعتبر هذا مهرجانه، لخلوه من المجاملة والمحاباة وما إليهما، وعندها قال:
جاء مَنْ لم أعرفه، قال سـلامُ *** قلت مَنْ؟ قال مَنْ بشعرِك هامُوا
كان ذاك السلامُ لـي مهرجاناً *** مهرجاني على الرصيف يُقـامُ!
سُئل ذات مرة في لبنان عن امير الشعراء فقال :
سألتـْني الشعراءُ أيـن أميرُهمْ *** فأجبـتُ: إيليـا بقـولٍ مطلقِ
قالوا: وأنت! فقلتُ :ذاك أميرُكمْ *** فأنا الأميرُ لأمةٍ لم تُخْلَقِ
عندما إشتدّ علیه المرض في السجن وکان الإنجلیز یعلّلونه کل یوم بأنهم أبرقوا إلی حکومة العراق یسألونها رأیها فیه، وقد مرّ علیه سبعة وعشرون یوماً وهو یستغیث من الداء وهم لا یسمحون بنقله إلی المستشفی، ولمّا إشتدّت علیه وطأة الداء أنشأ قائلاً :
سُجِنتُ وقد أصبحت سلوتي *** من السقمِ، عَدّي لأضلُعي
أعالجُ بالصبرِ برحَ السّقامِ *** ولکنّ علاجيَ لم ینجعِ
أتاني الطبیبُ وولّی سُدیً *** وراحَ الشفیعُ فلم یشفعِ
وکم قیلَ مدِّدْ مدی الإصطبارِ *** ومهما عراکَ فلا تجزع
وکم ذا أمدُّ مدی الإصطبارِ *** فإن زدتُ في مدِّه یُقطع
ولکنّهم صادفوا عقدةً *** بأمريَ تُعیي حِجی الألمعي
حکومةُ لبنانَ قد راجعت *** فرنسا لفکِّي فلم تسطعِ
وراحت فرنسا إلی الإنکلیزِ *** تراجعُهم جَلَّ مِن مرجعِ
وقد راجعَ الإنکلیزُ العراقَ *** وللیومِ بالأمرِ لم یُصدَعِ
فقلتُ: إعجبوا أیّها السامعونَ *** ویا أیّها الخلقُ قولوا معي:
أمِن قوّتي صرتُ أم من ضعفِهم *** خطیراً علی دولٍ أربعِ؟!
بعد ثورة العشرين كان من الأشخاص المطلوبين للاعتقال والمحاكمة ثم الصادر بحقهم عقوبة الشنق، فقال في ذلك :
ولئن أُشْنَقْ تكنْ مقبرتي *** منبراً يعلنُ جرمَ الإنجليزِ
وذات مرة اعتقلته القوات البريطانية إثر وشاية ملفقة، وزجّته في السجن لمدة 43 يوماً تفاقمت إثرها حالته الصحية، وشارف على الخطر، لكن القائمين على السجن نقلوه تحت الحراسة إلى مستشفى سان جورج، ثم أعادوه إلى السجن حينما تماثل للشفاء فكتب في مدة سجنة تلك ديواناً كاملاً باسم حصاد السجن ومن ابيات هذا الديوان :
رمونا كالبضائعِ في سجونٍ *** وعافونا ولم يُبدوا اكتراثا
رمونا في السجن بلا أثاثٍ *** فأصبحْنا لسجنِهمُ أثاثا
وفاته
رحل عن الحياة في السابع والعشرين من شهر يونيو (حزيران) سنة 1977 في وهج الحرب الاهلية اللبنانية حيث اصابته رصاصة أطلقها عليه قناص في منتصف يناير1976 وهو يبحث عن رغيف خبز يأكله بعد أن أمضى ثلاثة أيام لم يذق فيها الطعام, فحمله بعض المارة إلى مستشفى المقاصد, ولم يطل بها مكوثه لصعوبة الوضع القائم انذاك, فنقل إلى بغداد وقد كف بصره قبل عودته وأصبح مقعداً لابستطيع الحراك فلما وصلها انشد قائلا:
يا عودةً للدارِ ما أقساها *** أسمعُ بغدادَ ولا أراها.
وقال بعدها :
بين الرصاصِ نفدتُّ ضمنَ معاركٍ *** فبرغمِ أنفِ الموتِ ها أنا سالمُ
ولها ثقوبٌ في جداري خمسةٌ *** قد أخطأتْ جسمي وهنّ علائمُ
وهناك اجريت له عملية جراحية ناجحة لإخراج الرصاصة من صدره، ولكن العملية زادت جسده نحولا وضعفا فاسلم الروح بعد عدة ايام لبارئها وهو في "80" من عمره، بعد أن ترك تراثاً شعرياً خصباً، وترجمة دقيقة لـ رباعيات الخيام الخالدة.
ولئن أُشْنَقْ تكنْ مقبرتي *** منبراً يعلنُ جرمَ الإنجليزِ
وذات مرة اعتقلته القوات البريطانية إثر وشاية ملفقة، وزجّته في السجن لمدة 43 يوماً تفاقمت إثرها حالته الصحية، وشارف على الخطر، لكن القائمين على السجن نقلوه تحت الحراسة إلى مستشفى سان جورج، ثم أعادوه إلى السجن حينما تماثل للشفاء فكتب في مدة سجنة تلك ديواناً كاملاً باسم حصاد السجن ومن ابيات هذا الديوان :
رمونا كالبضائعِ في سجونٍ *** وعافونا ولم يُبدوا اكتراثا
رمونا في السجن بلا أثاثٍ *** فأصبحْنا لسجنِهمُ أثاثا
وفاته
رحل عن الحياة في السابع والعشرين من شهر يونيو (حزيران) سنة 1977 في وهج الحرب الاهلية اللبنانية حيث اصابته رصاصة أطلقها عليه قناص في منتصف يناير1976 وهو يبحث عن رغيف خبز يأكله بعد أن أمضى ثلاثة أيام لم يذق فيها الطعام, فحمله بعض المارة إلى مستشفى المقاصد, ولم يطل بها مكوثه لصعوبة الوضع القائم انذاك, فنقل إلى بغداد وقد كف بصره قبل عودته وأصبح مقعداً لابستطيع الحراك فلما وصلها انشد قائلا:
يا عودةً للدارِ ما أقساها *** أسمعُ بغدادَ ولا أراها.
وقال بعدها :
بين الرصاصِ نفدتُّ ضمنَ معاركٍ *** فبرغمِ أنفِ الموتِ ها أنا سالمُ
ولها ثقوبٌ في جداري خمسةٌ *** قد أخطأتْ جسمي وهنّ علائمُ
وهناك اجريت له عملية جراحية ناجحة لإخراج الرصاصة من صدره، ولكن العملية زادت جسده نحولا وضعفا فاسلم الروح بعد عدة ايام لبارئها وهو في "80" من عمره، بعد أن ترك تراثاً شعرياً خصباً، وترجمة دقيقة لـ رباعيات الخيام الخالدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق